بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
قراءة فى كتاب الابداع في تعليم القرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
قراءة فى كتاب الابداع في تعليم القرآن الكريم
قراءة فى كتاب الابداع في تعليم القرآن الكريم
فى مقدمة المؤلف قال أنه كان يعلم القرآن فى قرية وداعة وأن سبب تأليف الكتاب هو أن إحدى جمعيات التحفيظ طلبت من المحفظين كتابة خبراتهم واقتراحاتهم فى الموضوع فكتب المؤلف هذا البحث وفى هذا قال:
"فقد تشرفت بتدريس القرآن الكريم في قرية وادعة في قلب الصحراء ، أهلها جميعا عطشى بلهفة وشوق إلى تعلم كتاب الله عز وجل وحفظه ، وقد كلفت مع زملائي المعلمين في محافظة الطائف من قبل الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم أن نكتب بحوثا نافعة في مواضيع مختلفة فهداني الله عز وجل لاختيار موضوع ( الإبداع في تعليم القرآن الكريم ) فأرجو الله أن يوفقني في كتابته على الوجه الصحيح "
واستهل المؤلف كتابه بمدح جمعيات التحفيظ فقال:
"أولا : الإبداع في تعليم القرآن الكريم
إن من يمعن النظر في أعمال الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم سواء في الطائف أم في سائر مدن المملكة يستنتج أنها من الوسائل التي سخرها الله عز وجل لتساعد على حفظ القرآن الكريم ، وأي دارس لحال القائمين على تدريس القرآن الكريم في أقطار العالم الإسلامي يستنتج أن الجمعيات المنتشرة في سائر مدن المملكة تمتاز عن غيرها في تلك الأقطار بوجود جهاز كامل متكامل يقوم على شباب يقضون الكثير من أوقاتهم على تنظيم سير حلقات تحفيظ القرآن الكريم ومتابعة المشرفين عليها ورعاية الطلاب وتشجيعهم وحل كافة المشاكل التي قد تعيق تقدم تلك الحلقات ، لذلك لا نستغرب إذا حققت هذه الحلقات النتائج الطيبة وآتت الثمار المباركة اليانعة وفعلا فقد تخرج من هذه الحلقات مئات إن لم يكن الآلاف من خيرة الحفاظ والحمد لله ، وذلك كله بفضل الله عز وجل ثم بجهود القائمين على تلك الحلقات والجمعيات فجزاهم الله عز وجل خير الجزاء وجعل أعمالهم في موازين حسناتهم بإذن الله "
وقطعا فى دولة المسلمين لا يوجد شىء اسمه جمعيات تحفيظ القرآن لأن القرآن هو المنهج وعليه تقوم العملية التعليمية والحياتية كلها حيث أن وزارات التعليم والإعلام وغير ذلك كلها تقوم على تدريس القرآن فى كل مناحى الحياة والمطلوب ليس حفظا لفظيا وإنما حفظا عمليا بطاعة أحكام القرآن ومن ضمنها حفظ بعض أو كل القرآن لأن المطلوب من المسلمين قراءته فى صلواتهم وليس حفظه لفظيا كما قال تعالى :
" فاقرءوا ما تيسر من القرآن"
وتحدث المؤلف عن الإبداع فى التحفيظ وذكر الأسباب الداعية لذلك فقال :
ثانيا : الحاجة إلى موضوع الإبداع
مما لا شك فيه أن تدريس القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه عمل عظيم ، فالأنبياء عليهم وعلى نبينا (ص) لم يورثوا الذهب ولا الفضة ولكنهم ورثوا العلم ، وقد أخبرنا المصطفى (ص)أن ( العلماء ورثة الأنبياء ) ومن هنا فإن تعليم القرآن الكريم وتدريسه يحتاج إلى إبداع مستمر منذ التحاق صاحب الرسالة (ص)بالرفيق الأعلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وقد ثبت أن رسول الله (ص)كان يعلم أصحابه عشر آيات حتى إذا حفظوها وطبقوها علمهم غيرها ، فما أن أكمل الله دينه عم الإسلام جزيرة العرب حتى كان من بين الصحابة آلاف الحفاظ لكتاب الله الكريم ، فذلك الأسلوب النبوي مع أصحابه الكرام وهم خير من حمل القرآن وبلغ الإسلام بعد رسول الله (ص)، وقد كانت ( طريقة التلقين والتلقي ) هي الوسيلة الوحيدة لتدريس كتاب الله وحفظه ، فلم يكن القرآن مجموعا في ذلك الوقت ، ولكن نقاء نفوسهم وسلامة سليقتهم جعل منهم بإذن الله القادرين على حفظ القرآن الكريم بمجرد السماع والتلقي وصدق الله العظيم القائل : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) فقد جعل الرسالة في بيئة خصبة مناسبة لها من حيث الزمان والمكان ، فسبحانه هو العليم الخبير أما وقد تغيرت أحوال الناس وفسدت ألسنتهم وتشعبت فروع العلم فإن الحاجة أصبحت ملحة إلى الإبداع في تعليم القرآن الكريم ، مع التأكيد على أن طريقة الحفظ ( بالتلقي ) من أفواه العلماء مباشرة هي الوسيلة الباقية الصحيحة لتعليم كتاب الله عز وجل ، وأسباب الحاجة إلى الإبداع كثيرة منها :
اختلاط العرب بغيرهم من الأمم والأعاجم منذ الفتوحات الإسلامية وحتى عصرنا الحاضر أفسد اللسان العربي القويم كما أفسد السليقة التي كانت تجعل من العربي يحفظ النص بمجرد سماعه .
تشعب فروع العلم واختلافها ، فبعد أن كان المسلم في صدر الإسلام وما بعده يصرف همه إلى تعلم القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو علم الأصول أو الفقه نجده اليوم يعوم في بحر متلاطم الأمواج من العلوم التي تنتشر في العالم كله بطريقة يصعب اللحاق بكل فروعها ولكن لا بد من قطف بعض ثمارها .
انتشار وسائل اللهو المختلفة في هذه الأيام يؤدي إلى صرف الكثير من شباب المسلمين عن حفظ وتعلم كتاب الله وخاصة أن تلك الوسائل تنتشر من خلال وسائل إعلام رسمية وغير رسمية وأكثرها موجهة لصرف الشباب عن الفضائل والانغماس في مجاري اللهو والفساد .
ضعف الروابط الأسرية داخل الأسرة الواحدة ، يجعل من الصعب السيطرة على الأبناء وتوجيههم نحو دراسة وحفظ كتاب الله ويعود ذلك الضعف إلى عدة عوامل أهمها :
انشغال الأب وهو رب الأسرة في وظيفته أو تجارته وبعده عن الأبناء وعدم صرف الوقت الكافي لرعاية أسرته ومتابعة أبنائه .
جهل كثير من الأمهات بالأساليب التربوية الحديثة وعدم الاهتمام بالأبناء بسبب انشغال كثير منهن في سفاسف الأمور مما يؤدي إلى صرف الأبناء عن حفظ القرآن .
ج- اختلاف نمط المعيشة اليومية ، مما أدى إلى عدم اجتماع أفراد الأسرة معا في أوقات معينة كما كان يحدث سابقا ، وكمثال على ذلك انتشار المطاعم في الأسواق والأحياء جعل الأبناء يتناولون أكثر وجباتهم خارج منازلهم .
فتلك الأسباب وغيرها جعلت الحاجة ماسة وملحة إلى ابتداع وسائل ملائمة وموائمة ومناسبة لمعطيات ومفردات هذه الأيام ."
واستعرض المؤلف معنى الإبداع فقال :
الفصل الأول :
أولا : مفهوم الإبداع في تعليم القرآن الكريم
الإبداع لغة : هو الخلق ( الايجاد ابتداء على غير مثال سابق ) انظر قوله تعالى ( بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) وانظر كذلك تفسير هذه الآية في ( التفسير الميسر ) نشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية .
أما الإبداع اصطلاحا : فهو ابتكار واستحداث طرق وأساليب جديدة في مجال معين فإبداع المعلم في الحلقات القرآنية يعني ابتكار طرق وأساليب جديدة لتعليم القرآن الكريم بحيث لا تكون مسبوقة بمثلها من الوسائل والطرق وبحيث تتمشى وتنسجم مع مستجدات الأمور ومعطيات العصر الذي يعيشه المعلم من حيث الزمان والمكان .
وحسب نظرتي المتواضعة فإنه مهما تطورت الأزمان والأساليب والأماكن فإن الحلقة هي الأساس وإن طريقة التلقي من الأفواه هي الأصل في تعليم وحفظ القرآن الكريم ، فمن تلك الحلقة قام محمد (ص)يعلم أصحابه القرآن الكريم وأمور دينهم ومنها تخرج كبار الصحابة والتابعين وفيها كان أحمد بن حنبل وسائر الأئمة الأعلام يدرسون تلاميذهم ويخرجون العلماء النابغين كأبي يوسف والأوزاعي وحفص وعاصم والترمذي والبخاري والبيهقي فكانوا بحق أعلام هدى لهذه الأمة المباركة .
إذن ، الحلقة هي الأساس ولكن لا بد من الإبداع في إطار المحافظة على هذه الحلقة ، فمثلا إذا علمنا أن حلقة ما كانت تدرس تحت ظلال الأشجار أو في الخيام في زمن مضى فلا ضير في إعطائها هذه الأيام في قاعة فسيحة مكيفة مفروشة بالفراش الوثير النظيف ، وإذا كان المدرس في سالف الأيام يستخدم عصا طويلة تمتد لتصل جميع التلاميذ في حلقته فلماذا ؟ وما الذي يمنع أن يستخدم هذه الأيام وسيلة مناسبة كقرص أو اسطوانة حاسوب أو لوحة نظيفة يكتب عليها القرآن الكريم وأحكامه فيشار إليها بمؤشر ليزر لبيان مواضع المد والإدغام وغيرها من أحكام القرآن الكريم ؟ .
ومثال آخر على الإبداع في تعليم القرآن الكريم توظيف المدرس المناسب الذي يتمتع بمزايا تليق بوظيفته فقد كان المدرس سابقا هو هو لا يتغير مهما كان عنده من السلبيات فقد لا يوجد من عنده القدرة على تدريس القرآن الكريم غيره ، وقد يكون ذلك المدرس الوحيد حريصا على عدم إيجاد مدرس آخر قادر على التدريس لأنه يرى في ذلك الآخر مزاحما له على لقمة عيشه ، أما في هذه الأيام – ولله الحمد – فالمدرسون المتقنون لفن التجويد والمتمتعون بالمزايا التي تليق بمعلم القرآن الكريم كثيرون ، ويستطيع من يقوم على تحفيظ القرآن الكريم أن يختار منهم الأصلح والأفضل .
ومن هنا فالأمثلة على الإبداع في تعليم القرآن الكريم كثيرة كثيرة تتلخص في ابتكار الوسائل والطرق الحديثة التي تلائم الوسائل التربوية والإعلامية المنتشرة في كل مكان ، واستخدام المدرس القادر على مواكبة الأساليب التربوية الحديثة بشرط أن لا تتناقض مع مقتضيات تدريس القرآن الكريم ، وسوف أبين بإذن الله تعالى في فقرة لاحقة بعض الوسائل والطرق التي تساعد على الإبداع في تدريس القرآن الكريم ."
بعد بيان معنى الإبداع وللأسف فإنه لا يوجد جديد تحت الشمس فما نظن أنه جديد هو شىء استخدمه من قبلنا والتحفيظ ليس فيه جديد ولن يكون فيه لأنه تعليمه كان وما زال كالتالى :
الطريقة الأولى الاستماع للقارىء والترديد وراءه والقارىء فى عصرنا قد يكون المعلم أو اسطوانة أو تسجيل أو مذياع... ووظيفة المعلم كانت مجرد التصحيح للقارىء عندما يخطىء فى النطق
الطريقة الثانية القراءة مباشرة من المصحف دون معلم
وقطعا هذا لم يتغير ولن يتغير فيه شىء
وحدثنا عن مجالات الإبداع فى تعليم القرآن فقال :
"ثانيا : مجالات الإبداع في تعليم القرآن الكريم
بعد أن عرفنا معنى الإبداع لغة واصطلاحا فإنه يحق لنا أن نسأل :
هل الإبداع محصور في مجال واحد أم أن هناك مجالات عديدة ؟
والواقع أن الإبداع في تعليم القرآن الكريم له عدة مجالات يمكن حصرها في ما يلي :
مع الطلاب : أ ) داخل الحلقة ، ويتمثل إبداع المعلم هنا في مظاهر مختلفة تكمن في حسن إدارتهم وضبطهم ، فلا يسمح المعلم أن تكون الحلقة مسرحا للفوضى من بعض الطلاب فإذا ما صادف وجود طالب أو أكثر يؤثر على حسن سير الحلقة فلا بد من معالجة الأمر معالجة حكيمة وبشتى الوسائل التي تعيد أولئك الطلاب إلى جادة الحق وتضعهم في مصاف الطلبة المثاليين في حضورهم وأخلاقهم ومن الأمور التي تساعد على إبداع المعلم داخل الحلقة أن تتوافر فيه صفات المعلم القدوة لطلابه في ألفاظه ومعاملته واستعداده .
ب ) خارج الحلقة ، فإذا كان المعلم متواصلا مع طلابه بشكل جيد في الشارع والمنزل والمدرسة فإن هذا التواصل ولا شك سيكون رافدا هاما من روافد الإبداع في تعليم القرآن الكريم وهناك مجال آخر لا يمكن إغفاله أو تجاهله بل قد يكون هو الأهم من مجالات الإبداع ألا وهو التواصل بين المعلم وبين أولياء الأمور حسب إمكانية التواصل معهم ، فمن الطبيعي أن أي طالب يحضر الحلقة بعلم أهله وخاصة والديه و، ومن هنا يجب أن يحاط الوالدان بما يصدر عن أبنائهم سواء من النواحي الإيجابية أو من النواحي السلبية ، وفي كلتا الحالتين سينعكس ذلك بإذن الله على مستوى أولادهم وبالتالي على مستوى الحلقة الي يزيد من فرص الإبداع في تعليم القرآن الكريم .
فكم من ملاحظة قد يبديها أولياء الأمور تؤدي إلى كثير من الخير وإلى رفع مستوى الحلقة وجني الثمار الطيبة المباركة بإذن الله وجمعية التحفيظ أيضا لها دور كبير ومجال هام في الإبداع ، فإذا ما حصلت الثقة بين المعلم من طرف والمشرفين والموظفين والرئيس من طرف آخر وحصل بينهم التعامل الحسن والنصح المتبادل والمشورة والاستشارة والاستفادة والإفادة فلا بد من حصول الفوائد العظيمة والنتائج التي تؤدي إلى الإبداع بعون الله تعالى أما إمام المسجد وجماعته فهم بعون الله تعالى أكبر مؤازر للمعلم في حلقته إذا أحسن هذا المعلم استثمارهم لصالح الحلقة وهنا أسوف تجربة خاصة حدثت في إحدى الحلقات التي أدرسها بالفيضة حيث أن الطلاب أنفسهم أسهموا بتنظيف المسجد وترتيبه ودهانه وتببيضه على نفتهم الخاصة مما كان له الأثر الطيب عند الإمام وجماعته بل عند أهل الحي جميعا مما زاد من حرص الآباء على حضور أبنائهم ومتابعتهم فكان سببا في رفع مستوى الطلاب وزيادة حرصهم على الاستغلال وقت حضورهم في ما يجلب لهم العلم والحفظ الجيد والثواب العظيم من الله تعالى والمعلم المبدع لا بد أن تكون يوميا وقفة بل وقفات مع ذاته ، فلا بد له من محاسبة نفسه أولا بأول ، ولا بد من مناقشة عطائه وطرق تدريسه في كل يوم ، ويحرص كل الحرص على تطوير ذاته وتحسين مستواه ولا يتم ذلك إلا بنهل العلم من منابعه الصافية ، والمدوامة على تلاوة ومراجعة كتاب الله عز وجل فإذا تم ذلك فإنه سوف يحصل لديه الإبداع في تعليم كتاب الله كل ذلك بإذنه عز وجل"
وكل ما تحدث عنه الرجل يدخل فى إطار القدوة أو الأسوة الحسنة أى يكون كل مسلم إمام لغيره كما قال المسلمون فى دعاءهم:
"واجعلنا للمتقين إماما "
ومن ثم لا يوجد جديد وتحدث عما سماه الإبداع فى الوسائل فقال:
"ثالثا : وسائل وطريق معينة على الإبداع
إن الوسائل والطرق التي تساعد على الإبداع في تعليم القرآن الكريم كثيرة حسب ما أرى ، وليس المهم بيان تلك الوسائل والطرق ، ولكن المهم هو تطبيقها و إخراجها إلى حيز الوجود إذا حصلت القناعة بها ضمن الإمكانيات المتاحة ، والتي أعتقد أنها متيسرة والحمد لله إذا وجدت النوايا الصادقة لأنها تخدم أولا وآخرا كتاب الله عز وجل ، ومن تلك الوسائل والطرق الإبداعية :
أولا : توفير المكان المناسب بحيث تتوفر فيه الشروط التي تساعد على استمرار الحلقات ، ومن الواقع العملي المشاهد أن بعض الحلقات وخاصة في القرى والبحر تعقد في المسجد في وقت شديد الحر ولا تتوفر فيه وسائل التكييف والتبريد بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي يزود به القرية متعهد لفترات محدودة ، فكيف سيكون حال الدارسين ومدرسهم في مثل تلك الظروف ؟ ومثل هذا الأمر يعالج في حال توفر النوايا الصادقة عن أهل الخير ، فلا يستهان بمثل تلك الثغرات المشاهدة في القرى فمن يدري فلعل الله عز وجل يخرج من تلك الحلقات خيرة الحفاظ ؟ فإذا وجدت القاعة المتواضعة ، ومولد الكهرباء المناسب ، وأجهزة تبريد الماء وتكييف الهواء فلا شك أن ذلك سينعكس إيجابا على مستوى الحلقة ونتائجها ."
المكان المناسب فى دولة المسلمين هو المدارس أو القاعات فى الكليات وأما حاليا فلا يمكن لأن الأمر فوضى فهناك أمور تابعة للحكومات وهناك أمور تابعة للأهالى وفى الإسلام الدولة هى نفسها الأهالى
وتحدث عن توفير المدرس الناجح فى مجتمعاتنا الحالية فقال :
"ثانيا : توفير وتوظيف المدرس الناجح الذي يتمتع بصفات سنوردها بعد قليل بإذن الله .
ويتم ذلك عن طريق الدقة في التحري والبحث عن سلوكيات المدرس قبل توظيفه ، فلكل شخص أقران وزملاء وجيران وهؤلاء أفضل من يعطي الصورة الصادقة عن سلوكياته ثم يأتي بعد ذلك دور لجان المقابلات الشخصية والاختبارات ، وإليكم أهم تلك الصفات الواجب توفرها في مدرس القرآن الكريم المبدع مخافة الله قبل كل شيء والإخلاص في العمل ، فالمدرس هو المسؤول المباشر عن سير الحلقة ومتابعة الطلاب حفظا ومراجعة وسلوكا إذ يصعب تواجد الموجهين في كل حلقة في أي وقت فيبقى العبء الأكبر على كاهل المدرس الذي يجب أن يعلم أن الله عز وجل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور سبحانه .
المظهر اللائق من حيث ارتداء الثوب النظيف من غير ابتذال ومن حيث اتباع السنة المطهرة في إطلاق اللحية وبشاشة الوجه بما يرضي الله ورسوله .
حسن العشرة والتعامل مع جميع الناس في البيئة التي يدرس بها وخاصة إذا وجد في تلك البيئة من المشكلات التي قد تحدث بين الناس ، فهنا يتجنب الانحياز إلى أي فئة بل يجب عليه أن يعمل على بذر المحبة ونزع الشر من بينهم أي يكون واسع الأفق يتحلى بالصفات التي تليق بمعلم القرآن الكريم .
التمكن من أحكام تلاوة كتاب الله عز وجل وحفظه ، وهذا يعتبر من الأساسيات في أي مدرس إذ لا يعقل أن يتم التعاقد مع أي أحد لا يمتلك هذين الشرطين بمعنى آخر يجب أن يكون المعلم المبدع مفيدا لغيره مستفيدا من أسلافه وأقرانه .
قوة الشخصية : فهي أيضا من عناصر المعلم الناجح المبدع الذي تكون لديه القدرة على فرض النظام داخل الحلقة من غير تنفير للطلاب ، والمقدرة على تعويد الطلاب على الحضور المبكر وعدم التغيب عنها والصبر على الحضور امتثالا لقوله تعالى : ( واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) ، فلا بد من أن يكون قوي الشخصية بعيد النظر حتى يتسنى له الإبداع في تعليم كتاب الله عز وجل .
ولعل الصفات الخمس المذكورة سالفا يمكن جمعها في قوله تعالى على لسان ابنة يعقوب : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) ."
وقطعا هذا الكلام فى الدول الحالية المتخلفة لأن التوظيف فى دولة المسلمين هو توظيف آلى حيث هناك كليات إعداد المعلمين تختص بتخريج المعلمين وكلهم بإذن الله لا يوجد بينهم فرق وكلهم معد للوظيفة أحسن إعداد فهو ليس عيال وفساد كما فى المجتمعات الحالية
وتحدث عن الحوافز فقال :
"ثالثا : نظام الحوافز والتشجيع : من المعروف أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها والله عز وجل أعد لعباده المؤمنين جنات النعيم التي وصفها في كتابه الكريم وفي سنة المصطفى (ص)جزاء لما يعملون في الدنيا ، ومن هنا فإن طالب التحفيظ يفرح عندما تقدم له هدية تقديرا لصفة أو مجموعة من الصفات التي يتمتع بها ، ولذلك يجب اختيار الهدايا والجوائز بناء على خطة مدروسة بحيث تؤتي ثمارها وبالتالي تؤدي إلى الإبداع لدى جميع الطلاب مما يؤدي إلى نتائج أفضل وتخريج حفظة أكثر بعون الله تعالى .
والناظر إلى الجوائز المقدمة للطلاب في حلقاتهم فإنه لا يسعه إلا أن يقول بداية : جزى الله عز وجل كل الخير كل من يساهم في تقديمها ، غير أنه يجب أن ننبه إلى وجوب إمعان النظر دوما في طبيعة تلك الهدايا المقدمة وقيمتها ونفعها للطلاب فنلاحظ قلة الأشرطة المسجل عليها أجزاء من القرآن الكريم بأصوات أئمة الحرمين الشريفين على سبيل المثال ونكرر أنه لا ينبغي الانتقاص من أهمية الجوائز المقدمة حاليا ، ولكن الأمل معقود على تحسينها ومن تلك الوسائل المقترحة :
شريط مسجل عليه جزء عم وأجزاء أخرى تتناسب والمستوى الذي وصلت إليه الحلقة .
كتيبات أو كتب تعالج قضايا تمس هموم الشباب والطلاب وتعالج مشكلاتهم .
أشرطة تسجيل متنوعة لعلماء أجلاء لهم سمعتهم الطيبة داخل المملكة وخارجها بالإضافة إلى ما تقوم به الجمعية مشكورة من توزيع لمثل هذه الأشرطة .
هدايا لها خصوصيات معينة ، فهناك طلاب فقراء يعرفهم المشرف على الحلقة ، فما أجمل أن يقدم لأمثالهم هدية يستفيدون منها وذلك مثل ثوب أو عمامة أو غيرها "
وهذا كلام سببه الفساد فى مجتمعاتنا فالتعلم واجب ولا يثاب عليه بمال أو أى شىء مادى فنحن نعلمه القرآن لينتفع به فى حياته والمعلم يقبض راتبه الذى يكفيه ومن ثم لا حوافز لطالب ام معلم أو غيره لأن هذا ينتج أناس همهم المال وليس همهم طاعة الله
وتحدث عن لقاء المحفظين بأولياء الأمور فقال :
"رابعا : عقد لقاءات مع أولياء الأمور :
لا شك أن ولي الأمر هو الطرف الرئيس المهم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم وعندما يكون القصد هو الإبداع في طرق التدريس فيجب أن لا يغفل دور ولي الأمر في هذا الموضوع ، لذلك يجب التخطيط لعقد لقاء موسع مرة على الأقل في كل شهر أو في كل شهرين ، بحيث يتم فيه مناقشة مشكلات الأبناء الطلاب مثل الغياب وقلة الحفظ ونسيان ما يحفظ وغيرها من المشكلات ولا بأس أن يصاحب ذلك اللقاء برامج ترفيهية وترويحية للطلاب يتبعها غداء يسهم به الطلاب أنفسهم وتقديم جوائز حتى لو كانت من إسهامات أولياء الأمور "
طبعا من ضمن وظيفة المدرسة أو الكلية الاتصال بأولياء الأمور لإبلاغهم أى شىء يستجد ولكن فى مجتمعاتنا المتخلفة يتم الإتصال للحصول على أموال أو ولائم من أولياء الأمور الذين أتم أبناءهم الحفظ الكلى أو الجزئى لبعض القرآن وأولياء الأمور المتخلفين يظنون أن حفظ التلميذ للقرآن شىء عظيم وما يدرون أنه مجرد زيادة مصحف ناطق فليس مهما أن يكون عدد الحفاظ كثير والمهم هو أن يعملوا بطاعة القرآن
وتحدث الرجل عن تبادل الخبرات بين المعلمين فقال :
"خامسا : الاتصال بالمبدعين من الحفاظ والمتعلمين :
لعل الاتصال بالمبدعين في علوم القرآن الكريم وخاصة في حفظه وتلاوته وكذلك بالدارسين الذين تكتشف فيهم عناصر الإبداع من أنجح الوسائل التي تنمي الإبداع عند الطلاب ، وفي هذا السياق ليته يصبح عند الحلقات عادة في التواصل فيما بينها وزيارة خاصة لمكة المكرمة والمدينة المنورة من المناطق الأخرى ، بالإضافة إلى ذلك فإن زيارة الحلقات التي يشار إليها بالبنان يؤدي إلى إحياء روح التنافس الشريف بين الدارسين للحصول على فوائد كبيرة ."
وهذا الكلام أصبح سهلا مع وسائل الاتصال على الشبكة العنكبوتية ونادى المؤلف بإبعاد الملل عن الطلاب بتجديد الطرق فقال :
"سادسا : اتباع طرق جديدة بين الحين والآخر تبعد الطلاب عن شبح الروتين ومنها :
إبقاء الطلاب في أماكنهم في الحلقة والبدء في التسميع لهم واحدا بعد الآخر .
المناداة على الطلاب من واقع كشف الحضور إلى أن ينتهي الجميع من التسميع .
استدعاء أحد الطلاب ليجلس أمام المدرس فيتلو حصته من الحفظ مع بقاء الطلاب في أماكنهم يستمعون إلى تلاوته مستفيدين من تقويم المدرس له .
تقسيم الطلاب إلى مجموعات ثنائية ( كل مجموعة من طالبين فقط متقاربين في الحفظ ) بحيث يسمع أحدهما للآخر وينادي المدرس على الطلاب ليقوم حفظهم .
تقسيم الطلاب إلى مجموعات غير ثنائية ( رباعية أو خماسية ) بحيث يكلف الطالب الأكفأ منهم بالتسميع والمراجعة لما يحفظه طلاب تلك المجموعة تحت إشراف المدرس ومراقبته "
وتحدث عن المنافسة بين الطلاب فقال :
"سابعا : بث روح المنافسة الأخوية الشريفة بين الطلاب :
وهذه بعض الاقتراحات في هذا المجال
تقديم جائزة قيمة لكل من يتم حفظ جزء من أجزاء القرآن الكريم هذا بالإضافة إلى الجائزة المقدمة من جمعية تحفيظ القرآن الكريم .
إخبار ولي الأمر تباعا بمستوى ابنه بحيث يداوم على تشجيع ابنه وتكريمه ووعده بالمزيد من الهدايا في حال مداومة ابنه على الحفظ وتميزه في الحلقة .
ج- تكريم أي طالب يتم حفظ جزء لزملائه في الحلقة ، وقد شاهدت في طلابي الفرح والسرور عندما يتم أحدهم حفظ جزء فيقدم لهم الحلوى والشراب ، ولعل ذلك يذكرنا بالاحتفال الذي كان يتم لكل من يختم جزء عم مثال حيث كان يحمل على الأكتاف ويطاف به القرية إلى أن ينتهي المطاف إلى المسجد ."
والكلام الذى يقال هنا هو من ضمن الهبل والخبل فى مجتمعاتنا فالمقصود من التعلم ليس الاحتفال وإنما طاعة الله وليس الطواف به فى القرية وتضييع الوقت والجهد فى المشى والهتاف بلا فائدة
وتحدث الرجل فى الفصل الثانى عن أنماط وأساليب جديدة للإبداع فقال:
"الفصل الثاني :
4- أنماط وأساليب جديدة للإبداع
لقد ذكرت حتى هذه الفقرة بعض ما هداني الله إليه من وسائل وطرق تسهم في الإبداع في تعليم القرآن الكريم وتدريسه ، وحيث أن كتاب الله عز وجل هو المعجزة الباقية الخالدة حتى يرث الله الأرض ومن عليها فلا بد من وسائل وأنماط وأساليب جديدة تسهم في الإبداع في تدريسه وحفظه وبحيث تتلاءم مع معطيات هذا العصر الذي نعيشه والعصور التالية .
ولا أدعي الكمال في هذا المجال فالكمال لله وحده ولكني أجتهد فيه معتمدا على الله سبحانه وتعالى وداعيا إياه أن يوفقني إلى إيضاح بعض الأنماط والأساليب الجديدة ومنها :
أولا : زيادة البرامج المتخصصة بتحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكام تلاوته في إذاعة القرآن الكريم أكثر مما هي عليه الآن ، وبث تلك البرامج في مواعيد مناسبة مع أوقات الطلاب بشكل عام وأوقات راحتهم وإجازاتهم بشكل خاص مع عدم إنكار الدور الكبير الذي تقوم به إذاعة القرآن الكريم ، غير أن مواعيد تلك البرامج غير معروف بالدقة لدى أكثر الطلاب بالإضافة إلى عدم شموليتها .
ثانيا : تخصيص قناة فضائية تلفازية لعلوم القرآن الكريم مع التركيز على التحفيظ وأحكام تلاوته ، وقد أصبح وجود مثل هذه القناة ضروريا أمام ما نشاهده من وفرة هذه المحطات الفضائية التي تبث الكثير من الغث والقليل القليل من السمين وتسهم في صرف شباب المسلمين عن كتاب الله عز وجل .
ومن هنا يجب تنبيه الموسرين وحثهم وكذلك المتخصصين في الإعلام على إنشاء مثل هذه المحطة القرآنية ، لا شك أنها تحتاج إلى جهود إعلامية ضخمة ونفقات مالية كبيرة ولكن كل شيء سيتيسر بإذن الله في حالة وجود النوايا الطيبة والجهود المخلصة وتظافرها .
ثالثا : فتح موقع خاص بالقرآن الكريم على شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) بحيث يختلف عن المواقع الحالية والتي لا تخلو من التحريف كما نسمع ونقرأ عنها وبحيث تتوفر فيه الشروط التالية :
أن يقوم ببث المعلومات علماء أجلاء متخصصون في علوم القرآن الكريم
أن ينال الشباب والطلاب الحظ الأوفر من تلك البرامج الموجهة .
ج- أن تكشف ما تقوم به بعض الشبكات من تحريف لكتاب الله عز وجل .
رابعا : تطوير حلقات تحفيظ القرآن لما فيه الأفضل باستمرار وسوف أركز في هذا الجزء على تلك الحلقات الموجودة في القرى والتي تفتقر إلى وسائل معينة ومن أساليب ذلك التطوير :
أ – تزويد كل حلقة بمكتبة صوتية متخصصة في تدريس القرآن الكريم تحتوي على أشرطة لكامل أجزاء القرآن الكريم وجهاز تسجيل عالي الجودة والتحمل .
ب-تزويد كل حلقة ( حسب الإمكانات ) بجهاز كمبيوتر مع أقراص وأسطوانات خاصة بتعليم القرآن الكريم .
ج- تأمين الحلقات القروية في فترة انقطاع الكهرباء بعد العصر بأجهزة تكييف هواء تعمل على الشحن أثناء انقطاع التيار .
د- تكليف المشرف على الحلقة بكتابة تقرير شهري شامل عن حلقته ومتابعة مثل تلك التقارير ."
وما قاله الرجل كثير منه موجود على الساحة ولكنه غير مفيد فى مجتمعات بعض منها يبنى الناس وبعض منها يهدم الناس ففى مقابل قنوات القرآن التى تعد بالعشرات هناك آلاف القنوات الفاسدة المفسدة وفى مقابل إذاعات القرآن التى تعد بالعشرات هناك ألوف مؤلفة منها فاسدة مفسدة
وفى مقابل حوافز القرآن القليلة توجد حوافز هائلة لمن يتعلم ويعلم الفساد من الطلاب سواء فى الرياضة أو فى التمثيل أو فى الرقص أو فى الغناء
ومن ثم فهذه المجتمعات لن تنجح يوما فى بناء دولة مسلمة لأن كل دولة المنطقة تعتمد سياستى الهدم والبناء فى نفس الوقت حتى يظل الكفر وهو الظلم مسيطرا على كل بلاد العالم
فى مقدمة المؤلف قال أنه كان يعلم القرآن فى قرية وداعة وأن سبب تأليف الكتاب هو أن إحدى جمعيات التحفيظ طلبت من المحفظين كتابة خبراتهم واقتراحاتهم فى الموضوع فكتب المؤلف هذا البحث وفى هذا قال:
"فقد تشرفت بتدريس القرآن الكريم في قرية وادعة في قلب الصحراء ، أهلها جميعا عطشى بلهفة وشوق إلى تعلم كتاب الله عز وجل وحفظه ، وقد كلفت مع زملائي المعلمين في محافظة الطائف من قبل الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم أن نكتب بحوثا نافعة في مواضيع مختلفة فهداني الله عز وجل لاختيار موضوع ( الإبداع في تعليم القرآن الكريم ) فأرجو الله أن يوفقني في كتابته على الوجه الصحيح "
واستهل المؤلف كتابه بمدح جمعيات التحفيظ فقال:
"أولا : الإبداع في تعليم القرآن الكريم
إن من يمعن النظر في أعمال الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم سواء في الطائف أم في سائر مدن المملكة يستنتج أنها من الوسائل التي سخرها الله عز وجل لتساعد على حفظ القرآن الكريم ، وأي دارس لحال القائمين على تدريس القرآن الكريم في أقطار العالم الإسلامي يستنتج أن الجمعيات المنتشرة في سائر مدن المملكة تمتاز عن غيرها في تلك الأقطار بوجود جهاز كامل متكامل يقوم على شباب يقضون الكثير من أوقاتهم على تنظيم سير حلقات تحفيظ القرآن الكريم ومتابعة المشرفين عليها ورعاية الطلاب وتشجيعهم وحل كافة المشاكل التي قد تعيق تقدم تلك الحلقات ، لذلك لا نستغرب إذا حققت هذه الحلقات النتائج الطيبة وآتت الثمار المباركة اليانعة وفعلا فقد تخرج من هذه الحلقات مئات إن لم يكن الآلاف من خيرة الحفاظ والحمد لله ، وذلك كله بفضل الله عز وجل ثم بجهود القائمين على تلك الحلقات والجمعيات فجزاهم الله عز وجل خير الجزاء وجعل أعمالهم في موازين حسناتهم بإذن الله "
وقطعا فى دولة المسلمين لا يوجد شىء اسمه جمعيات تحفيظ القرآن لأن القرآن هو المنهج وعليه تقوم العملية التعليمية والحياتية كلها حيث أن وزارات التعليم والإعلام وغير ذلك كلها تقوم على تدريس القرآن فى كل مناحى الحياة والمطلوب ليس حفظا لفظيا وإنما حفظا عمليا بطاعة أحكام القرآن ومن ضمنها حفظ بعض أو كل القرآن لأن المطلوب من المسلمين قراءته فى صلواتهم وليس حفظه لفظيا كما قال تعالى :
" فاقرءوا ما تيسر من القرآن"
وتحدث المؤلف عن الإبداع فى التحفيظ وذكر الأسباب الداعية لذلك فقال :
ثانيا : الحاجة إلى موضوع الإبداع
مما لا شك فيه أن تدريس القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه عمل عظيم ، فالأنبياء عليهم وعلى نبينا (ص) لم يورثوا الذهب ولا الفضة ولكنهم ورثوا العلم ، وقد أخبرنا المصطفى (ص)أن ( العلماء ورثة الأنبياء ) ومن هنا فإن تعليم القرآن الكريم وتدريسه يحتاج إلى إبداع مستمر منذ التحاق صاحب الرسالة (ص)بالرفيق الأعلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وقد ثبت أن رسول الله (ص)كان يعلم أصحابه عشر آيات حتى إذا حفظوها وطبقوها علمهم غيرها ، فما أن أكمل الله دينه عم الإسلام جزيرة العرب حتى كان من بين الصحابة آلاف الحفاظ لكتاب الله الكريم ، فذلك الأسلوب النبوي مع أصحابه الكرام وهم خير من حمل القرآن وبلغ الإسلام بعد رسول الله (ص)، وقد كانت ( طريقة التلقين والتلقي ) هي الوسيلة الوحيدة لتدريس كتاب الله وحفظه ، فلم يكن القرآن مجموعا في ذلك الوقت ، ولكن نقاء نفوسهم وسلامة سليقتهم جعل منهم بإذن الله القادرين على حفظ القرآن الكريم بمجرد السماع والتلقي وصدق الله العظيم القائل : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) فقد جعل الرسالة في بيئة خصبة مناسبة لها من حيث الزمان والمكان ، فسبحانه هو العليم الخبير أما وقد تغيرت أحوال الناس وفسدت ألسنتهم وتشعبت فروع العلم فإن الحاجة أصبحت ملحة إلى الإبداع في تعليم القرآن الكريم ، مع التأكيد على أن طريقة الحفظ ( بالتلقي ) من أفواه العلماء مباشرة هي الوسيلة الباقية الصحيحة لتعليم كتاب الله عز وجل ، وأسباب الحاجة إلى الإبداع كثيرة منها :
اختلاط العرب بغيرهم من الأمم والأعاجم منذ الفتوحات الإسلامية وحتى عصرنا الحاضر أفسد اللسان العربي القويم كما أفسد السليقة التي كانت تجعل من العربي يحفظ النص بمجرد سماعه .
تشعب فروع العلم واختلافها ، فبعد أن كان المسلم في صدر الإسلام وما بعده يصرف همه إلى تعلم القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو علم الأصول أو الفقه نجده اليوم يعوم في بحر متلاطم الأمواج من العلوم التي تنتشر في العالم كله بطريقة يصعب اللحاق بكل فروعها ولكن لا بد من قطف بعض ثمارها .
انتشار وسائل اللهو المختلفة في هذه الأيام يؤدي إلى صرف الكثير من شباب المسلمين عن حفظ وتعلم كتاب الله وخاصة أن تلك الوسائل تنتشر من خلال وسائل إعلام رسمية وغير رسمية وأكثرها موجهة لصرف الشباب عن الفضائل والانغماس في مجاري اللهو والفساد .
ضعف الروابط الأسرية داخل الأسرة الواحدة ، يجعل من الصعب السيطرة على الأبناء وتوجيههم نحو دراسة وحفظ كتاب الله ويعود ذلك الضعف إلى عدة عوامل أهمها :
انشغال الأب وهو رب الأسرة في وظيفته أو تجارته وبعده عن الأبناء وعدم صرف الوقت الكافي لرعاية أسرته ومتابعة أبنائه .
جهل كثير من الأمهات بالأساليب التربوية الحديثة وعدم الاهتمام بالأبناء بسبب انشغال كثير منهن في سفاسف الأمور مما يؤدي إلى صرف الأبناء عن حفظ القرآن .
ج- اختلاف نمط المعيشة اليومية ، مما أدى إلى عدم اجتماع أفراد الأسرة معا في أوقات معينة كما كان يحدث سابقا ، وكمثال على ذلك انتشار المطاعم في الأسواق والأحياء جعل الأبناء يتناولون أكثر وجباتهم خارج منازلهم .
فتلك الأسباب وغيرها جعلت الحاجة ماسة وملحة إلى ابتداع وسائل ملائمة وموائمة ومناسبة لمعطيات ومفردات هذه الأيام ."
واستعرض المؤلف معنى الإبداع فقال :
الفصل الأول :
أولا : مفهوم الإبداع في تعليم القرآن الكريم
الإبداع لغة : هو الخلق ( الايجاد ابتداء على غير مثال سابق ) انظر قوله تعالى ( بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) وانظر كذلك تفسير هذه الآية في ( التفسير الميسر ) نشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية .
أما الإبداع اصطلاحا : فهو ابتكار واستحداث طرق وأساليب جديدة في مجال معين فإبداع المعلم في الحلقات القرآنية يعني ابتكار طرق وأساليب جديدة لتعليم القرآن الكريم بحيث لا تكون مسبوقة بمثلها من الوسائل والطرق وبحيث تتمشى وتنسجم مع مستجدات الأمور ومعطيات العصر الذي يعيشه المعلم من حيث الزمان والمكان .
وحسب نظرتي المتواضعة فإنه مهما تطورت الأزمان والأساليب والأماكن فإن الحلقة هي الأساس وإن طريقة التلقي من الأفواه هي الأصل في تعليم وحفظ القرآن الكريم ، فمن تلك الحلقة قام محمد (ص)يعلم أصحابه القرآن الكريم وأمور دينهم ومنها تخرج كبار الصحابة والتابعين وفيها كان أحمد بن حنبل وسائر الأئمة الأعلام يدرسون تلاميذهم ويخرجون العلماء النابغين كأبي يوسف والأوزاعي وحفص وعاصم والترمذي والبخاري والبيهقي فكانوا بحق أعلام هدى لهذه الأمة المباركة .
إذن ، الحلقة هي الأساس ولكن لا بد من الإبداع في إطار المحافظة على هذه الحلقة ، فمثلا إذا علمنا أن حلقة ما كانت تدرس تحت ظلال الأشجار أو في الخيام في زمن مضى فلا ضير في إعطائها هذه الأيام في قاعة فسيحة مكيفة مفروشة بالفراش الوثير النظيف ، وإذا كان المدرس في سالف الأيام يستخدم عصا طويلة تمتد لتصل جميع التلاميذ في حلقته فلماذا ؟ وما الذي يمنع أن يستخدم هذه الأيام وسيلة مناسبة كقرص أو اسطوانة حاسوب أو لوحة نظيفة يكتب عليها القرآن الكريم وأحكامه فيشار إليها بمؤشر ليزر لبيان مواضع المد والإدغام وغيرها من أحكام القرآن الكريم ؟ .
ومثال آخر على الإبداع في تعليم القرآن الكريم توظيف المدرس المناسب الذي يتمتع بمزايا تليق بوظيفته فقد كان المدرس سابقا هو هو لا يتغير مهما كان عنده من السلبيات فقد لا يوجد من عنده القدرة على تدريس القرآن الكريم غيره ، وقد يكون ذلك المدرس الوحيد حريصا على عدم إيجاد مدرس آخر قادر على التدريس لأنه يرى في ذلك الآخر مزاحما له على لقمة عيشه ، أما في هذه الأيام – ولله الحمد – فالمدرسون المتقنون لفن التجويد والمتمتعون بالمزايا التي تليق بمعلم القرآن الكريم كثيرون ، ويستطيع من يقوم على تحفيظ القرآن الكريم أن يختار منهم الأصلح والأفضل .
ومن هنا فالأمثلة على الإبداع في تعليم القرآن الكريم كثيرة كثيرة تتلخص في ابتكار الوسائل والطرق الحديثة التي تلائم الوسائل التربوية والإعلامية المنتشرة في كل مكان ، واستخدام المدرس القادر على مواكبة الأساليب التربوية الحديثة بشرط أن لا تتناقض مع مقتضيات تدريس القرآن الكريم ، وسوف أبين بإذن الله تعالى في فقرة لاحقة بعض الوسائل والطرق التي تساعد على الإبداع في تدريس القرآن الكريم ."
بعد بيان معنى الإبداع وللأسف فإنه لا يوجد جديد تحت الشمس فما نظن أنه جديد هو شىء استخدمه من قبلنا والتحفيظ ليس فيه جديد ولن يكون فيه لأنه تعليمه كان وما زال كالتالى :
الطريقة الأولى الاستماع للقارىء والترديد وراءه والقارىء فى عصرنا قد يكون المعلم أو اسطوانة أو تسجيل أو مذياع... ووظيفة المعلم كانت مجرد التصحيح للقارىء عندما يخطىء فى النطق
الطريقة الثانية القراءة مباشرة من المصحف دون معلم
وقطعا هذا لم يتغير ولن يتغير فيه شىء
وحدثنا عن مجالات الإبداع فى تعليم القرآن فقال :
"ثانيا : مجالات الإبداع في تعليم القرآن الكريم
بعد أن عرفنا معنى الإبداع لغة واصطلاحا فإنه يحق لنا أن نسأل :
هل الإبداع محصور في مجال واحد أم أن هناك مجالات عديدة ؟
والواقع أن الإبداع في تعليم القرآن الكريم له عدة مجالات يمكن حصرها في ما يلي :
مع الطلاب : أ ) داخل الحلقة ، ويتمثل إبداع المعلم هنا في مظاهر مختلفة تكمن في حسن إدارتهم وضبطهم ، فلا يسمح المعلم أن تكون الحلقة مسرحا للفوضى من بعض الطلاب فإذا ما صادف وجود طالب أو أكثر يؤثر على حسن سير الحلقة فلا بد من معالجة الأمر معالجة حكيمة وبشتى الوسائل التي تعيد أولئك الطلاب إلى جادة الحق وتضعهم في مصاف الطلبة المثاليين في حضورهم وأخلاقهم ومن الأمور التي تساعد على إبداع المعلم داخل الحلقة أن تتوافر فيه صفات المعلم القدوة لطلابه في ألفاظه ومعاملته واستعداده .
ب ) خارج الحلقة ، فإذا كان المعلم متواصلا مع طلابه بشكل جيد في الشارع والمنزل والمدرسة فإن هذا التواصل ولا شك سيكون رافدا هاما من روافد الإبداع في تعليم القرآن الكريم وهناك مجال آخر لا يمكن إغفاله أو تجاهله بل قد يكون هو الأهم من مجالات الإبداع ألا وهو التواصل بين المعلم وبين أولياء الأمور حسب إمكانية التواصل معهم ، فمن الطبيعي أن أي طالب يحضر الحلقة بعلم أهله وخاصة والديه و، ومن هنا يجب أن يحاط الوالدان بما يصدر عن أبنائهم سواء من النواحي الإيجابية أو من النواحي السلبية ، وفي كلتا الحالتين سينعكس ذلك بإذن الله على مستوى أولادهم وبالتالي على مستوى الحلقة الي يزيد من فرص الإبداع في تعليم القرآن الكريم .
فكم من ملاحظة قد يبديها أولياء الأمور تؤدي إلى كثير من الخير وإلى رفع مستوى الحلقة وجني الثمار الطيبة المباركة بإذن الله وجمعية التحفيظ أيضا لها دور كبير ومجال هام في الإبداع ، فإذا ما حصلت الثقة بين المعلم من طرف والمشرفين والموظفين والرئيس من طرف آخر وحصل بينهم التعامل الحسن والنصح المتبادل والمشورة والاستشارة والاستفادة والإفادة فلا بد من حصول الفوائد العظيمة والنتائج التي تؤدي إلى الإبداع بعون الله تعالى أما إمام المسجد وجماعته فهم بعون الله تعالى أكبر مؤازر للمعلم في حلقته إذا أحسن هذا المعلم استثمارهم لصالح الحلقة وهنا أسوف تجربة خاصة حدثت في إحدى الحلقات التي أدرسها بالفيضة حيث أن الطلاب أنفسهم أسهموا بتنظيف المسجد وترتيبه ودهانه وتببيضه على نفتهم الخاصة مما كان له الأثر الطيب عند الإمام وجماعته بل عند أهل الحي جميعا مما زاد من حرص الآباء على حضور أبنائهم ومتابعتهم فكان سببا في رفع مستوى الطلاب وزيادة حرصهم على الاستغلال وقت حضورهم في ما يجلب لهم العلم والحفظ الجيد والثواب العظيم من الله تعالى والمعلم المبدع لا بد أن تكون يوميا وقفة بل وقفات مع ذاته ، فلا بد له من محاسبة نفسه أولا بأول ، ولا بد من مناقشة عطائه وطرق تدريسه في كل يوم ، ويحرص كل الحرص على تطوير ذاته وتحسين مستواه ولا يتم ذلك إلا بنهل العلم من منابعه الصافية ، والمدوامة على تلاوة ومراجعة كتاب الله عز وجل فإذا تم ذلك فإنه سوف يحصل لديه الإبداع في تعليم كتاب الله كل ذلك بإذنه عز وجل"
وكل ما تحدث عنه الرجل يدخل فى إطار القدوة أو الأسوة الحسنة أى يكون كل مسلم إمام لغيره كما قال المسلمون فى دعاءهم:
"واجعلنا للمتقين إماما "
ومن ثم لا يوجد جديد وتحدث عما سماه الإبداع فى الوسائل فقال:
"ثالثا : وسائل وطريق معينة على الإبداع
إن الوسائل والطرق التي تساعد على الإبداع في تعليم القرآن الكريم كثيرة حسب ما أرى ، وليس المهم بيان تلك الوسائل والطرق ، ولكن المهم هو تطبيقها و إخراجها إلى حيز الوجود إذا حصلت القناعة بها ضمن الإمكانيات المتاحة ، والتي أعتقد أنها متيسرة والحمد لله إذا وجدت النوايا الصادقة لأنها تخدم أولا وآخرا كتاب الله عز وجل ، ومن تلك الوسائل والطرق الإبداعية :
أولا : توفير المكان المناسب بحيث تتوفر فيه الشروط التي تساعد على استمرار الحلقات ، ومن الواقع العملي المشاهد أن بعض الحلقات وخاصة في القرى والبحر تعقد في المسجد في وقت شديد الحر ولا تتوفر فيه وسائل التكييف والتبريد بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي يزود به القرية متعهد لفترات محدودة ، فكيف سيكون حال الدارسين ومدرسهم في مثل تلك الظروف ؟ ومثل هذا الأمر يعالج في حال توفر النوايا الصادقة عن أهل الخير ، فلا يستهان بمثل تلك الثغرات المشاهدة في القرى فمن يدري فلعل الله عز وجل يخرج من تلك الحلقات خيرة الحفاظ ؟ فإذا وجدت القاعة المتواضعة ، ومولد الكهرباء المناسب ، وأجهزة تبريد الماء وتكييف الهواء فلا شك أن ذلك سينعكس إيجابا على مستوى الحلقة ونتائجها ."
المكان المناسب فى دولة المسلمين هو المدارس أو القاعات فى الكليات وأما حاليا فلا يمكن لأن الأمر فوضى فهناك أمور تابعة للحكومات وهناك أمور تابعة للأهالى وفى الإسلام الدولة هى نفسها الأهالى
وتحدث عن توفير المدرس الناجح فى مجتمعاتنا الحالية فقال :
"ثانيا : توفير وتوظيف المدرس الناجح الذي يتمتع بصفات سنوردها بعد قليل بإذن الله .
ويتم ذلك عن طريق الدقة في التحري والبحث عن سلوكيات المدرس قبل توظيفه ، فلكل شخص أقران وزملاء وجيران وهؤلاء أفضل من يعطي الصورة الصادقة عن سلوكياته ثم يأتي بعد ذلك دور لجان المقابلات الشخصية والاختبارات ، وإليكم أهم تلك الصفات الواجب توفرها في مدرس القرآن الكريم المبدع مخافة الله قبل كل شيء والإخلاص في العمل ، فالمدرس هو المسؤول المباشر عن سير الحلقة ومتابعة الطلاب حفظا ومراجعة وسلوكا إذ يصعب تواجد الموجهين في كل حلقة في أي وقت فيبقى العبء الأكبر على كاهل المدرس الذي يجب أن يعلم أن الله عز وجل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور سبحانه .
المظهر اللائق من حيث ارتداء الثوب النظيف من غير ابتذال ومن حيث اتباع السنة المطهرة في إطلاق اللحية وبشاشة الوجه بما يرضي الله ورسوله .
حسن العشرة والتعامل مع جميع الناس في البيئة التي يدرس بها وخاصة إذا وجد في تلك البيئة من المشكلات التي قد تحدث بين الناس ، فهنا يتجنب الانحياز إلى أي فئة بل يجب عليه أن يعمل على بذر المحبة ونزع الشر من بينهم أي يكون واسع الأفق يتحلى بالصفات التي تليق بمعلم القرآن الكريم .
التمكن من أحكام تلاوة كتاب الله عز وجل وحفظه ، وهذا يعتبر من الأساسيات في أي مدرس إذ لا يعقل أن يتم التعاقد مع أي أحد لا يمتلك هذين الشرطين بمعنى آخر يجب أن يكون المعلم المبدع مفيدا لغيره مستفيدا من أسلافه وأقرانه .
قوة الشخصية : فهي أيضا من عناصر المعلم الناجح المبدع الذي تكون لديه القدرة على فرض النظام داخل الحلقة من غير تنفير للطلاب ، والمقدرة على تعويد الطلاب على الحضور المبكر وعدم التغيب عنها والصبر على الحضور امتثالا لقوله تعالى : ( واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) ، فلا بد من أن يكون قوي الشخصية بعيد النظر حتى يتسنى له الإبداع في تعليم كتاب الله عز وجل .
ولعل الصفات الخمس المذكورة سالفا يمكن جمعها في قوله تعالى على لسان ابنة يعقوب : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) ."
وقطعا هذا الكلام فى الدول الحالية المتخلفة لأن التوظيف فى دولة المسلمين هو توظيف آلى حيث هناك كليات إعداد المعلمين تختص بتخريج المعلمين وكلهم بإذن الله لا يوجد بينهم فرق وكلهم معد للوظيفة أحسن إعداد فهو ليس عيال وفساد كما فى المجتمعات الحالية
وتحدث عن الحوافز فقال :
"ثالثا : نظام الحوافز والتشجيع : من المعروف أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها والله عز وجل أعد لعباده المؤمنين جنات النعيم التي وصفها في كتابه الكريم وفي سنة المصطفى (ص)جزاء لما يعملون في الدنيا ، ومن هنا فإن طالب التحفيظ يفرح عندما تقدم له هدية تقديرا لصفة أو مجموعة من الصفات التي يتمتع بها ، ولذلك يجب اختيار الهدايا والجوائز بناء على خطة مدروسة بحيث تؤتي ثمارها وبالتالي تؤدي إلى الإبداع لدى جميع الطلاب مما يؤدي إلى نتائج أفضل وتخريج حفظة أكثر بعون الله تعالى .
والناظر إلى الجوائز المقدمة للطلاب في حلقاتهم فإنه لا يسعه إلا أن يقول بداية : جزى الله عز وجل كل الخير كل من يساهم في تقديمها ، غير أنه يجب أن ننبه إلى وجوب إمعان النظر دوما في طبيعة تلك الهدايا المقدمة وقيمتها ونفعها للطلاب فنلاحظ قلة الأشرطة المسجل عليها أجزاء من القرآن الكريم بأصوات أئمة الحرمين الشريفين على سبيل المثال ونكرر أنه لا ينبغي الانتقاص من أهمية الجوائز المقدمة حاليا ، ولكن الأمل معقود على تحسينها ومن تلك الوسائل المقترحة :
شريط مسجل عليه جزء عم وأجزاء أخرى تتناسب والمستوى الذي وصلت إليه الحلقة .
كتيبات أو كتب تعالج قضايا تمس هموم الشباب والطلاب وتعالج مشكلاتهم .
أشرطة تسجيل متنوعة لعلماء أجلاء لهم سمعتهم الطيبة داخل المملكة وخارجها بالإضافة إلى ما تقوم به الجمعية مشكورة من توزيع لمثل هذه الأشرطة .
هدايا لها خصوصيات معينة ، فهناك طلاب فقراء يعرفهم المشرف على الحلقة ، فما أجمل أن يقدم لأمثالهم هدية يستفيدون منها وذلك مثل ثوب أو عمامة أو غيرها "
وهذا كلام سببه الفساد فى مجتمعاتنا فالتعلم واجب ولا يثاب عليه بمال أو أى شىء مادى فنحن نعلمه القرآن لينتفع به فى حياته والمعلم يقبض راتبه الذى يكفيه ومن ثم لا حوافز لطالب ام معلم أو غيره لأن هذا ينتج أناس همهم المال وليس همهم طاعة الله
وتحدث عن لقاء المحفظين بأولياء الأمور فقال :
"رابعا : عقد لقاءات مع أولياء الأمور :
لا شك أن ولي الأمر هو الطرف الرئيس المهم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم وعندما يكون القصد هو الإبداع في طرق التدريس فيجب أن لا يغفل دور ولي الأمر في هذا الموضوع ، لذلك يجب التخطيط لعقد لقاء موسع مرة على الأقل في كل شهر أو في كل شهرين ، بحيث يتم فيه مناقشة مشكلات الأبناء الطلاب مثل الغياب وقلة الحفظ ونسيان ما يحفظ وغيرها من المشكلات ولا بأس أن يصاحب ذلك اللقاء برامج ترفيهية وترويحية للطلاب يتبعها غداء يسهم به الطلاب أنفسهم وتقديم جوائز حتى لو كانت من إسهامات أولياء الأمور "
طبعا من ضمن وظيفة المدرسة أو الكلية الاتصال بأولياء الأمور لإبلاغهم أى شىء يستجد ولكن فى مجتمعاتنا المتخلفة يتم الإتصال للحصول على أموال أو ولائم من أولياء الأمور الذين أتم أبناءهم الحفظ الكلى أو الجزئى لبعض القرآن وأولياء الأمور المتخلفين يظنون أن حفظ التلميذ للقرآن شىء عظيم وما يدرون أنه مجرد زيادة مصحف ناطق فليس مهما أن يكون عدد الحفاظ كثير والمهم هو أن يعملوا بطاعة القرآن
وتحدث الرجل عن تبادل الخبرات بين المعلمين فقال :
"خامسا : الاتصال بالمبدعين من الحفاظ والمتعلمين :
لعل الاتصال بالمبدعين في علوم القرآن الكريم وخاصة في حفظه وتلاوته وكذلك بالدارسين الذين تكتشف فيهم عناصر الإبداع من أنجح الوسائل التي تنمي الإبداع عند الطلاب ، وفي هذا السياق ليته يصبح عند الحلقات عادة في التواصل فيما بينها وزيارة خاصة لمكة المكرمة والمدينة المنورة من المناطق الأخرى ، بالإضافة إلى ذلك فإن زيارة الحلقات التي يشار إليها بالبنان يؤدي إلى إحياء روح التنافس الشريف بين الدارسين للحصول على فوائد كبيرة ."
وهذا الكلام أصبح سهلا مع وسائل الاتصال على الشبكة العنكبوتية ونادى المؤلف بإبعاد الملل عن الطلاب بتجديد الطرق فقال :
"سادسا : اتباع طرق جديدة بين الحين والآخر تبعد الطلاب عن شبح الروتين ومنها :
إبقاء الطلاب في أماكنهم في الحلقة والبدء في التسميع لهم واحدا بعد الآخر .
المناداة على الطلاب من واقع كشف الحضور إلى أن ينتهي الجميع من التسميع .
استدعاء أحد الطلاب ليجلس أمام المدرس فيتلو حصته من الحفظ مع بقاء الطلاب في أماكنهم يستمعون إلى تلاوته مستفيدين من تقويم المدرس له .
تقسيم الطلاب إلى مجموعات ثنائية ( كل مجموعة من طالبين فقط متقاربين في الحفظ ) بحيث يسمع أحدهما للآخر وينادي المدرس على الطلاب ليقوم حفظهم .
تقسيم الطلاب إلى مجموعات غير ثنائية ( رباعية أو خماسية ) بحيث يكلف الطالب الأكفأ منهم بالتسميع والمراجعة لما يحفظه طلاب تلك المجموعة تحت إشراف المدرس ومراقبته "
وتحدث عن المنافسة بين الطلاب فقال :
"سابعا : بث روح المنافسة الأخوية الشريفة بين الطلاب :
وهذه بعض الاقتراحات في هذا المجال
تقديم جائزة قيمة لكل من يتم حفظ جزء من أجزاء القرآن الكريم هذا بالإضافة إلى الجائزة المقدمة من جمعية تحفيظ القرآن الكريم .
إخبار ولي الأمر تباعا بمستوى ابنه بحيث يداوم على تشجيع ابنه وتكريمه ووعده بالمزيد من الهدايا في حال مداومة ابنه على الحفظ وتميزه في الحلقة .
ج- تكريم أي طالب يتم حفظ جزء لزملائه في الحلقة ، وقد شاهدت في طلابي الفرح والسرور عندما يتم أحدهم حفظ جزء فيقدم لهم الحلوى والشراب ، ولعل ذلك يذكرنا بالاحتفال الذي كان يتم لكل من يختم جزء عم مثال حيث كان يحمل على الأكتاف ويطاف به القرية إلى أن ينتهي المطاف إلى المسجد ."
والكلام الذى يقال هنا هو من ضمن الهبل والخبل فى مجتمعاتنا فالمقصود من التعلم ليس الاحتفال وإنما طاعة الله وليس الطواف به فى القرية وتضييع الوقت والجهد فى المشى والهتاف بلا فائدة
وتحدث الرجل فى الفصل الثانى عن أنماط وأساليب جديدة للإبداع فقال:
"الفصل الثاني :
4- أنماط وأساليب جديدة للإبداع
لقد ذكرت حتى هذه الفقرة بعض ما هداني الله إليه من وسائل وطرق تسهم في الإبداع في تعليم القرآن الكريم وتدريسه ، وحيث أن كتاب الله عز وجل هو المعجزة الباقية الخالدة حتى يرث الله الأرض ومن عليها فلا بد من وسائل وأنماط وأساليب جديدة تسهم في الإبداع في تدريسه وحفظه وبحيث تتلاءم مع معطيات هذا العصر الذي نعيشه والعصور التالية .
ولا أدعي الكمال في هذا المجال فالكمال لله وحده ولكني أجتهد فيه معتمدا على الله سبحانه وتعالى وداعيا إياه أن يوفقني إلى إيضاح بعض الأنماط والأساليب الجديدة ومنها :
أولا : زيادة البرامج المتخصصة بتحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكام تلاوته في إذاعة القرآن الكريم أكثر مما هي عليه الآن ، وبث تلك البرامج في مواعيد مناسبة مع أوقات الطلاب بشكل عام وأوقات راحتهم وإجازاتهم بشكل خاص مع عدم إنكار الدور الكبير الذي تقوم به إذاعة القرآن الكريم ، غير أن مواعيد تلك البرامج غير معروف بالدقة لدى أكثر الطلاب بالإضافة إلى عدم شموليتها .
ثانيا : تخصيص قناة فضائية تلفازية لعلوم القرآن الكريم مع التركيز على التحفيظ وأحكام تلاوته ، وقد أصبح وجود مثل هذه القناة ضروريا أمام ما نشاهده من وفرة هذه المحطات الفضائية التي تبث الكثير من الغث والقليل القليل من السمين وتسهم في صرف شباب المسلمين عن كتاب الله عز وجل .
ومن هنا يجب تنبيه الموسرين وحثهم وكذلك المتخصصين في الإعلام على إنشاء مثل هذه المحطة القرآنية ، لا شك أنها تحتاج إلى جهود إعلامية ضخمة ونفقات مالية كبيرة ولكن كل شيء سيتيسر بإذن الله في حالة وجود النوايا الطيبة والجهود المخلصة وتظافرها .
ثالثا : فتح موقع خاص بالقرآن الكريم على شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) بحيث يختلف عن المواقع الحالية والتي لا تخلو من التحريف كما نسمع ونقرأ عنها وبحيث تتوفر فيه الشروط التالية :
أن يقوم ببث المعلومات علماء أجلاء متخصصون في علوم القرآن الكريم
أن ينال الشباب والطلاب الحظ الأوفر من تلك البرامج الموجهة .
ج- أن تكشف ما تقوم به بعض الشبكات من تحريف لكتاب الله عز وجل .
رابعا : تطوير حلقات تحفيظ القرآن لما فيه الأفضل باستمرار وسوف أركز في هذا الجزء على تلك الحلقات الموجودة في القرى والتي تفتقر إلى وسائل معينة ومن أساليب ذلك التطوير :
أ – تزويد كل حلقة بمكتبة صوتية متخصصة في تدريس القرآن الكريم تحتوي على أشرطة لكامل أجزاء القرآن الكريم وجهاز تسجيل عالي الجودة والتحمل .
ب-تزويد كل حلقة ( حسب الإمكانات ) بجهاز كمبيوتر مع أقراص وأسطوانات خاصة بتعليم القرآن الكريم .
ج- تأمين الحلقات القروية في فترة انقطاع الكهرباء بعد العصر بأجهزة تكييف هواء تعمل على الشحن أثناء انقطاع التيار .
د- تكليف المشرف على الحلقة بكتابة تقرير شهري شامل عن حلقته ومتابعة مثل تلك التقارير ."
وما قاله الرجل كثير منه موجود على الساحة ولكنه غير مفيد فى مجتمعات بعض منها يبنى الناس وبعض منها يهدم الناس ففى مقابل قنوات القرآن التى تعد بالعشرات هناك آلاف القنوات الفاسدة المفسدة وفى مقابل إذاعات القرآن التى تعد بالعشرات هناك ألوف مؤلفة منها فاسدة مفسدة
وفى مقابل حوافز القرآن القليلة توجد حوافز هائلة لمن يتعلم ويعلم الفساد من الطلاب سواء فى الرياضة أو فى التمثيل أو فى الرقص أو فى الغناء
ومن ثم فهذه المجتمعات لن تنجح يوما فى بناء دولة مسلمة لأن كل دولة المنطقة تعتمد سياستى الهدم والبناء فى نفس الوقت حتى يظل الكفر وهو الظلم مسيطرا على كل بلاد العالم
رضا البطاوى- المساهمات : 1595
تاريخ التسجيل : 28/04/2020
مواضيع مماثلة
» قراءة فى كتاب أسرار التكرار في القرآن الكريم
» قراءة فى كتاب التفسير الموضوعي لكلمة التقوى في القرآن الكريم
» نقد كتاب الميزان في القرآن الكريم
» نقد كتاب خواص القرآن الكريم
» نقد كتاب ترجمة القرآن الكريم
» قراءة فى كتاب التفسير الموضوعي لكلمة التقوى في القرآن الكريم
» نقد كتاب الميزان في القرآن الكريم
» نقد كتاب خواص القرآن الكريم
» نقد كتاب ترجمة القرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 6:51 am من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتاب موقف علي في الحديبية
أمس في 6:42 am من طرف رضا البطاوى
» عمر الرسول (ص)
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:50 am من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
الخميس نوفمبر 21, 2024 6:18 am من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 6:41 am من طرف رضا البطاوى
» شراء أجهزة كهربائية مستعمله بالرياض
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 8:52 pm من طرف شيماء أسامة 272
» نظرات فى قصة هاروت وماروت
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:50 am من طرف رضا البطاوى
» أكذوبة سرقة قصة إنقاذ إبراهيم من نار نمرود
الإثنين نوفمبر 18, 2024 6:44 am من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال السرقة المزعومة لسورة مريم
الأحد نوفمبر 17, 2024 6:57 am من طرف رضا البطاوى